الاسلاميات

زكاة الفطر بين العينية والنقدية

احجز مساحتك الاعلانية

اللقاء الدينى الأسبوعى ومع فضيلة

الدكتور/مديح سميح الطويله 

إعداد  _ أشرف المهندس 

1- الحكم: زكاة الفطر فرض.. تجب على الأفراد لا على المال.. فلا يشترط فيها بلوغ المال النصاب.. وإنما تجب على عدد أفراد الأسرة.. الكبير والصغير حتى الجنين المولود قبل مغرب آخر يوم في رمضان.. لأنه بذلك يكون قد ولد في رمضان
2- العينية والنقدية: اختلف العلماء في إخراج زكاة الفطر عينا أم نقدا على رأيين :

*- الرأي الأول: على إخراج الزكاة حبوبا وعدم جواز إخراجها مالا
وهو المعتمد عن المالكية والحنابلة، واستدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين: (فرض رسول الله زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من بر، أو صاعا من شعير على الصغير والكبير من المسلمين) وفي رواية: (أو صاعا من أقط) وهو اللبن المجفف
وأجازوا إخراجها أيضا من الأرز أو العدس أو الفول أو غالب طعام البلد

*- الرأي الآخر: جواز إخراج القيمة عينا أو نقودا
قال به الحنفية، وورد عن بعض المالكية منهم ابن قاسم، وبعض متأخري الشافعية مثل الرملي، وبعض الحنابلة، وقال به من التابعين سفيان الثوري، والحسن البصري، والخليفة عمر بن عبد العزيز، وعطاء بن أبي رباح، كما روي عن بعض الصحابة كمعاوية بن أبي سفيان، حيث قال: ” إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر ”

كما أورد البخاري في باب العرض في الزكاة قال: قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم
والخميص واللبيس يقصد بها الملابس
كما روى البخاري أيضا أن أنسًا رضي الله عنه حدث أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له: ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء
وبنت المخاض هي الناقة التي بلغت سنة ودخلت في الثانية، وبنت اللبون الناقة التي بلغت سنتين ودخلت في الثالثة

وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله في البصرة: أن يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم
وقال الحسن البصري: ” لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر ”
وعن عطاء أنه كان يعطي في صدقه الفطر ورقا.. أي دراهم فضية
وعن زهير قال سمعت أبا اسحاق يقول: أدركتهم وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام

وذكر ابن المنذر في كتابه (الأوسط): إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح، لأنهم رأوه معادلا في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير.

ويؤيد ذلك أيضا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أغنوهم في هذا اليوم )، لأن حاجة الفقير لا تقتصر على الطعام فقط، وقالوا أن العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر، حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم

*- الخلاصة: ومما سبق يتبين أن الخلاف قديم وفي الأمر سعة، فالفريق الأول التزم بظاهر الحديث الشريف وبالأصناف المذكورة فيه.. وإن توسع اتباعه بعد ذلك وقاسوا عليها أصنافا أخرى

والفريق الثاني أخذ بالحكمة من تشريع زكاة الفطر وهي المذكورة في الحديث الآخر: (أغنوهم في هذا اليوم) فكل فقير أعلم بحاله وما يحتاجه.
ومعلوم أن تغير الزمان والمكان له دور كبير في ترجيح الحكم وتغير الفتوى.. فالقاعدة الأصولية: (الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما) فلابد إذن من الالتفات إلى مقصد الشرع الشريف في تشريع زكاة الفطر.. وهو إغناء الفقير في ذلك اليوم.

كما أن الذين يتمسكون بظاهر الحديث بحجة اتباع السنة وأنها عبادة وأصلها التوقف.. لماذا إذن أجازوا إخراجها من الأرز والذرة والعدس والفول وهي لم ترد في ألفاظ الحديث؟؟

وأخيرا.. طالما يوجد في الفقه الإسلامي آراء مختلفة فلا حرج إذن.. فالقاعدة الأصولية: (لا إنكار في المختلف فيه وإنما ينكر المتفق عليه) فلا حرج إذن أن يأخذ كل بما يقتنع به دون اتهام الآخر بالباطل.. والقاعدة الأصولية الأخرى (الاجتهاد لا ينقض بمثله)

وفي تصوري التوفيق بين الفريقين سهل ميسر.. فإخراج الحبوب يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد، وهذا يكون في الريف متوفرا لأنه يوجد في كل بيت في الريف فرن للخبيز..

وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم المدن اليوم، ولعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أغنوهم في هذا اليوم)، يؤيد هذا القول، لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه
وفي ذلك أكبر دليل على ثراء وسعة للتشريع الإسلامي ليناسب كل مكان وزمان
وقد أجازت دار الإفتاء المصرية إخراج زكاة الفطر مالا

3- المقدار: قدرت دار الإفتاء زكاة المال لهذا العام ب (٣٥) جنيها في المتوسط.. وهو قابل للزيادة بالطبع على حسب حال المزكي.. ولا حد أقصى له.. فبالطبع كلما زاد المال زاد ما يجب عليه إخراجه.. وكلها تجارة مع الله تعالى

أما الحبوب فخلاصتها أن الصاع أربعة أمداد والمد ملء اليدين المتوسطتين وهو يقدر تقريبا ب (600) جرام.. أي (2) كيلو ونصف تقريبا.. ومن لا يستطيع إخراج صاع أخرج ما يقدر عليه

4- وقت إخراج الزكاة: أما عن وقت إخراج زكاة الفطر فيجوز ما قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة عند المالكية والحنابلة.. ويجوز تقديمها وإخراجها من أول ليلة من رمضان عند الحنفية والشافعية.. وفي كل الأحوال الفرض إخراجها قبل صلاة العيد وإلا أصبحت صدقة

*- الخلاصة: خذ بما تقتنع به من الرأيين ولا حرج ولا تنكر على من سيأخذ بالرأى الآخر

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى